نظمت كلية أصول الدين يوم الخميس 31 دجنبر2015 محاضرة بعنوان:"فن تحقيق المخطوطات: الخطوات و المبادئ الأساسية" يلقيها د.عبد العزيز رحموني

نــظمت مجمــوعة البحــث "المكتبة و المصنفات العقدية و الفكرية في الغرب الإسلامي" بتنسيق مع مركز دراسات الدكتوراه "الدراسات العقدية و الفكرية" و ماستر "العقيدة و الفكر في الغرب الإسلامي" و "الفكر  الإسلامي و الحضــــــارة بالمغرب" و "أصول الدين و الدراسات الشرعية في الغرب الإسلامي" بكلية أصول الدين بتطوان، محاضرة بعنوان : "فن تحقيق المخطوطات" -الخطوات و المبادئ الأساسية- و ذلك يومه الخميس 31 دجنبر 2015 م الموافق لـ 18 ربيع الأول 1437 هـ، على الساعة 09:30 صباحا بقاعة الندوات و المحاضرات بالكلية.

 

افتتحت المحاضرة بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الطالب الباحث سفيان أوطاطي، ثم أخذ الكلمة السيد الدكتور "جمال علال البختي"، مرحبا و شاكرا الحضور المكثف، ثم تحدث عن أهمية موضوع المحاضرة "تحقيق المخطوطات" خصوصا لطلبة الماستر و الدكتوراه موضحا أبعاده  و فوائده العلمية لينتقل للتعريف بالمحاضر  السيد الدكتور "عبد العزيز رحموني".

استهل الدكتور "عبد العزيز رحموني" مداخلته بإبراز الداعي لتقديم  هذه المحاضرة و المتمثل في حاجة الطلاب لمعرفة ما يسمى بـ "فن تحقيق المخطوطات" أو "علم تحقيق المخطوطات"، مبينا أهميته لعنايته بالتراث الإسلامي للأمة و قسمه فضيلته أربعة أقسام : أولا : التراث الشرعي، ثانيا :  التراث اللغوي، ثالثا : التراث الأدبي، رابعا :  التراث العلمي، ثم أشار إلى الفئات التي تهتم بعلم التحقيق و قسمها  أربعة أقسام أيضا : أولا : فئة المستشرقين، ثانبا : فئة محبي التراث، ثالثا :  فئة دور الطبع و النشر "هدفها تجاري"، رابعا : فئة المحققين المستنيرين، ثم تدرج في طرح الموضوع مجيبا عن أسئلة كثيرة  طرحها منها : - ما هو تعريف التحقيق ؟ المخطوط ؟ المحقق ؟......

عرف المحاضر التحقيق لغة  ثم اصطلاحا فهو تخريـــــــــج و ضبط النصوص و تقديمها كما يريدها صاحبها ووفق منهج علمي، أما المخطوط هو كل ما كتب بخط اليد، والمحقق هو الذي يقوم بالتحقيق ثم ذكر الشروط و الصفات الواجب توفرها في المحقق :

  • أن يتعامل مع النص تعاملا دقيقا و أن يكون أمينا
  • الأمانة و الدقة في نقل المعلومات
  • التجرد من الهوى
  • الإلمام باللغة العربية و قواعدها و أساليبها
  • أن تكون له ثقافة واسعة
  • أن تكون له دراية بالمصادر و الفهارس العربية في مجال التحقيق
  • أن يكون عارفا بمعالم الخط المكتوب
  • ألا يتجرأ على النص و أن تكون له الرغبة في البحث و التحقيق
  • أن يكون صبورا و ذو غيرة على النص
  • أن يكون ملما بمنهجية التحقيق

هذا فيما يخص شروط و صفات المحقق أما فيما يخص اختيار النص المحقق فيجب أن يكون مناسبا و موافقا لرغبة الباحث، و أن يكون النص ذو فائدة و تحقيقه سيقدم إضافة للمجال العلمي و الثقافي، ثم قدم الدكتور تفصيلا لخطوات التحقيق من استقصاء عن المخطوط و العثور على نسخه الرئيسية و البحث عن النسخ الأخرى إن وجدت و تجنب تحقيق مخطوطات سبق تحقيقها و في ما يتعلق بترتيب نسخ المخطوط  أكد فضيلته على أن ترتيبها يجب أن يكون علميا ممنهجا  كالتالي :

  • النسخة الرئيسية أو الأم  و هي التي ألفها المؤلف
  • النسخة التي أملاها المؤلف على تلامذته
  • النسخة التي قرأها المؤلف أو قرئت عليه
  • النسخة التي عليها سماعات المؤلف
  • النسخة التي نقلت على نسخة المؤلف
  • النسخة التي كتبت في عصر المؤلف مقروءة على عالم متقن
  • النسخة التي كتبت في عصر المؤلف و لم تقرأ
  • النسخة التي كتبت بعد عصر المؤلف و ليس عليها سماعات
  • النسخة التي كتبت بعد عصر المؤلف و ليس عليها اسمه

و قد ذكر بعض مميزات النسخ المتجلية في ؛ الوضوح، القدم، تاريخ النسخ.

و أشارإلى  خطوات أخرى يجب على المحقق أن يمرّ بها قبل أن يقدم على نسخ المخطوط و هي  التحقق من أشياء ثلاثة ؛ أولا :  العنوان، ثانيا : اسم صاحب النص، ثالثا : - نسبته النص إلى مؤلفه، كما تطرق إلى بعض الحلول التي يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى حقيقة المؤلف، منها:

  • معرفة تاريخ النص، سواء كان هذا التاريخ مثبتا في النص أو في ترجمة المؤلف.
  • معرفة الخط الذي يكتب به المؤلف، أو معرفة أو معرفة الورق أو الحبر...
  • قراءة المخطوط قراءة متأنية، فهذه القراءات قد تسمح له للوقوف على حقيقة اسم المؤلف.
  • معرفة المؤلف عن طريق الكتب المشتركة أو قريبة الاشتراك مع النص الذي يريد تحقيقه.
  • معرفة زمن نسخ ذلك النص؛ مثلا نسخ في تاريخ معين ولكن المؤلف قد توفي إما قبل ذلك التاريخ أو بعده
  • معرفة المؤلف عن طريق الأسلوب، فالمحقق مطالب بأن يتمرس على أسلوب المؤلف.

انتقل بعدها المحاضر إلى المرحلة التطبيقية مشيرا إلى أول هذه المراحل و هي مرحلة نسخ النص فعلى المحقق أن يكون حذرا ومدققا، فمرحلة كتابة المخطوط تتطلب من أن يكون المحقق متمرسا على أسلوب المؤلف وخطه ورموزه واختصاراته.

  • ثم على المحقق أن يكتب النص بخط يده وليس بيد شخص آخر، والأفضل في الكتابة أن يكتب سطرا ويترك آخر فارغا؛ فربما يحتاجه لتعليق أو شرح شيء ما.
  • أن يكتب في صفحتين، ومن الأفضل أن يكتب النص في الصفحة اليسرى ويترك اليمنى ليكتب فيها التعليقات والهوامش، وحبذا أن يضع المحقق إلى جانبه دفترا يدون عليه كل ملاحظاته.

ثم ركز الدكتور بعد ذلك على مسألة مهمة وهي مسألة الترقيم، فلا بد للمحقق أن يراعي مجموعة من الرموز.

 

بعدها مسألة وضع العناوين: فهناك مجموعة من النصوص نجدها خالية من العناوين، والبعض الأخر نجد فيها "فصل" أو "باب".

ثم انتقل بعدها إلى المراحل الموالية ؛ مرحلة المقابلة، وهي مرحلة أساسية بالنسبة للطالب، والمقصود المقابلةُ بين النصوص.

تليها مرحلة التطبيب أو التمريض، مثلا نجد الناسخ يضع "ص" فوق الكلمة، فيعني بذلك أن تلك الكلمة صحيحة نقلا ورواية، لكن من حيث المعنى فيها نظر.

وأحيانا نجد كلمة "كذا" فيعني ذلك أن المحقق وجد هذه الكلمة في النسخة التي نقلها، وهناك من يضع "لعل" أو "لعله" ويشير إليها في الحاشية.

-أما ما كتب في الهامش فقد يكون من المحقق وقد يكون من الناسخ وقد يكون من مالك النص، فعلى المحقق أن يدقق في ذلك الكلام هل هو للقارئ أم للناسخ.

-ما يسقط في النص: قد يسقط من النص بعض العبارات أو بعض الكلمات، وقد تسقط صفحة بكاملها، فعلى المحقق أن يتنبه إلى هذه المسألة و يعالجها فمثلا إذا كان الساقط من النسخة الأم، فأحيانا نجده في الهامش وأحيانا لا نجده فيها بل في نسخة أخرى، فحينها نضع ما سقط بين معقوفتين ونحيل إليه في الهامش، مثلا نقول: سقط من النسخة "أ" والزيادة في "ب"، وقد يكون العكس. أو عندما يعثر المحقق على كلام في الحاشية يجب أن ينتبه إلى أصل هذه الزيادة، فإذا وجدها من القارئ أو الناسخ فعليه أن ينزلها إلى الهامش ويشير إليها، وأما إذا تأكد بأن هذه الزيادة للمؤلف عليه أن يضعها بين معقوفتين ويشير اليها في الهامش.

-ضبط النصوص المقتبسة،  وتتطلب من المحقق أن يكون بارعا مجدا وذكيا ليتحرى بداية النص ونهايته.

ثم مرحلة التخريج و ذلك بتخريج :

-الآيات القرآنية التي يجب أن تكتب وتصحح من القرآن الكريم و توضع بين قوسين، ومن الأحسن أن تضبط بالشكل، أما اسم السورة ورقم الآية فمن الأفضل أن يكونا في الهامش.

-الحديث يجب أن يخرج كما هو مطلوب (صحته- روايته- رقمه).

-النصوص المقتبسة و ينبغي للمحقق  في تخريجها  أن يجتهد ويبحث عن صاحب المقولة عوض أن يكتب "قال بعضهم" أو "قيل" أو "كما يقال"....

-الأبيات الشعرية، يجب أن تخرج من الدواوين.

-توثيق الأمثال والحكم، نخرجها من كتب الأمثال.

-التعريف بالأعلام، إذا أراد المحقق أن يترجم لعالم يجب أن تكون الترجمة مختصرة ومفيدة.

-الفهارس، هناك مجموعة من الفهارس أهمها: فهرس المحتويات، فهرس الآيات القرآنية، فهرس الأحاديث النبوية، فهرس الموضوعات، فهرس المصادر ولمراجع....

 

ثم ختم بمسألة أخيرة وهي الخطة، فيجب أن تكون الخطة مرتبة ومتماسكة ومترابطة ترابطا منطقيا، بمعنى أن كل جزء فيها يمهد لما يليه ويربطه ما بعده بما قبله ويكون تتمة ونتيجة له.

فالخطة في التحقيق تنقسم إلى قسمين: دراسة وتحقيق؛ وقسم الدراسة يستحسن أن يقسم إلى فصول ومباحث، مثلا الفصل الأول وفيه ثلاث مباحث: في المبحث الأول: توثيق العنوان، واسمه، واسم مؤلفه، وقيمة الكتاب العلمية، وفي المبحث الثاني: مصادر المؤلف، ومنهج المؤلف، والمصطلحات المستعملة عند المؤلف....

 

         و في نهاية المحاضرة أكد على أهمية هذا العلم و الحرص عليه بتتبع خطواته المنهجية إحياء لتراثنا الإسلامي و حفاظا عليه.

         و انتهت المحاضرة بكلمتي شكر لكل من  الدكتور المحاضر و الدكتور جمال علال البختي.