احتضنت كلية أصول الدين ـ تطوان يوم الثلاثاء سادس محرم الحرام 1437 هـ الموافق لـ : 20 اكتوبر 2015 م محاضرة علمية ألقاها المفكر الهولاندي د٠فان كونينسفيلد تحت عنوان "الدراسات الإسلامية في أوروبا،مملكة هولاندا نموذجا"

احتضنت قاعة المؤتمرات والندوات بكلية أصول الدين بتطوان صبيحة يوم الثلاثاء سادس محرم الحرام 1437 هـ الموافق لـ : 20 اكتوبر 2015 م محاضرة علمية بعنوان " الدراسات الإسلامية في أوربا ، مملكة هولندا نموذجا " ألقاها المفكر الهولندي الدكتور فان كولينسفيلد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ليدن بهولندا .

انطلق هذا اللقاء بتلاوة عطرة من كتاب الله العزيز ، عقب ذلك تناول الكلمة عميد الكلية الدكتور محمد التمسماني الذي قدم ورقة تعريفية بضيف الكلية الدكتور فان كولينسفيلد شاكرا حضوره للكلية لإلقاء هذه المحاضرة العلمية ، كما شكر السيد العميد السادة الأساتذة والطلبة وعموم الجمهور الذي يحضر هذا اللقاء .

وفي كلمته بالمناسبة أشار السيد العميد إلى أن الفكر المغربي  والمغاربة عموما تميزوا عبر التاريخ بخصائص يطبعها الانفتاح والتسامح والاعتدال وقبول الآخر ، مما جعلهم يندمجون ويتعايشون مع مختلف الثقافات وفي جميع المجتمعات التي حلوا بها ، وهذا الفكر المعتدل تبنته مؤسسات علمية بالمغرب وعلى رأسها جامعة القرويين حتى أضحى ثابتا من ثوابت الأمة المغربية ، وما هذه المحاضرة التي تتشرف كلية أصول الدين بتنظيمها في هذه اليوم المبارك سوى ربط للماضي بالحاضر .

 

بعد ذلك مرر الكلمة للسيد المحاضر الدكتور فان كونينسفيلد الذي بدأ كلمته بالإشارة إلى كون هولندا لم تكن في بداية القرن السادس عشر سوى عبارة عن إقليم لمملكة كبيرة يحكمها الإسبان ، حيث كان الهولانديون يطردون من هولندا كما طرد المسلمون من إسبانيا .

بعد ذلك تكونت الجمهورية الهولندية التي شرعت تبحت عن دعم من دول أخرى لمواجهة مملكة إسبانيا . وأشار السيد المحاضر إلى العلاقات التجارية التي كانت تجمع بين المغرب على عهد السعديين ومملكة هولندا ، تلكم العلاقات التي ساهمت إلى حد كبير في تقوية الدولة الهولندية من الناحية العسكرية لمواجهة إسبانيا .

وقد ساهمت هذه العلاقات التجارية بين المغرب وهولندا كذلك  في ظهور أولى الدراسات الإستشراقية .

وقد عملت جامعت ليدن العريقة بهولندا التي أسست سنة  1575 على تدريس اللغة العربية ، إضافة إلى اللغات الأخرى كالصينية واليابانية الإندونيسية ، وهي التي أنشأت في الأصل لتكوين القساوسة ورجال القانون . وتميزت هذه المرحلة الأولى من الحياة الثقافية بهولندا في هذه الفترة بتجميع العديد من المصادر العلمية من جميع دول العالم التي كانت تقيم علاقات تجارية واقتصادية وديبلوماسية مع هولندا ، وقد ساعد على هذا الازدهار الثقافي في هذه الحقبة إيجاد مطبعة بجامعة ليدن ابتداء من القرن 16 التي اعتنت بطبع كل ما يصدر عن الجامعة وفي جميع التخصصات مما أسس لبنية تحتية ثقافية صلبة أدت إلى ازدهار الجامعة وإشعاعها .

وفي إطار هذا الإشعاع الثقافي اعتمدت جامعة ليدن بعدا فيلولوجيا واجتماعيا وتاريخيا في تعاطيها مع التراث المشرقي ، كما عملت على إعداد موسوعة من المعارف الإسلامية ، وطبع مجموعة من الكتب المهمة منها كتاب الطبري في التفسير وهو في تسعة أجزاء .. وكتاب الإدريسي " نزهة المشتاق في اختبار الآفاق " .

بعد هذه المرحلة ابتدأت المرحلة الثانية ( 1880 ـ 1940 ) ، وهي التي يسميها المؤرخون بالمرحلة الاستعمارية ، والتي اتجهت في عمقها الى الاستغلال الاقتصادي عن طريق البحث عن المستعمرات الخارجية .، و ما ميز هذه المرحلة وارتبط بها هو كثرة الحروب ، والإقتناع بأهمية الدراسات والتشريعات الإسلامية خدمة للأهداف الكولونيالية . وإن كانت هناك مجموعة من التيارات الرسمية المعارضة والمناوئة للنظرة الإستعمارية حيث اهتمت بالدراسة الدقيقة للإسلام .

وخلال سنوات الخمسينات كانت الدراسات الإسلامية قد بدأت تفقد توجهاتها نظرا لاستقلال إندونيسيا عن هولندا بحيث لم يعد هناك أي داع للخوض في العلوم الإسلامية ، وهكذا فقدت الدراسات الإسلامية بهولندا مصادر تمويلها وبالتالي هويتها . وفي هذا السياق التاريخي نلحظ تطورين :

الأول : تم خلق برامج باللغة الإنجليزية بجامعة ليدن للطلبة من هولندا وغيرها من الدول العربية وغيرها بهدف إرساء رسالة جديدة تقوم على تمكين الطلبة من المناهج العلمية الحديثة . الثاني  : تكوين  الأقليات الإسلامية داخل هولندا وغيرها من دول أوربا وتمكينهم من المهارات والكفايات الضرورية لفهم جيد لذواتهم بهدف الانخراط الجيد والإيجابي في المجتمع الأوربي .

وختم المحاضر حديثه بسرد عناوين مجموعة من الأطروحات الجامعية لطلبة مغاربة من تأطير أساتذة بجامعة ليدن .

بعد ذلك فتح باب النقاش والاستفسار وإلقاء الأسئلة حيث كانت معظم التدخلات مفيدة أغنت محاور هذه المحاضرة القيمة .

وفي الختام تسلم السيد المحاضر الدكتور فان كونينسفيلد درع الكلية من يد السيد العميد وبعض الكتب والمؤلفات العلمية ، وتم أخذ صور تذكارية .