نظمت كلية أصول الدين محاضرة علمية في موضوع : " انسدادات ينبغي تجاوزها, تغيرات يجب استيعابها وشروط يلزم توفيرها, من أجل تجديد ناجع لخطابنا الديني المعاصر" تشرف بإلقائها فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، يوم الأربعاء 11 ماي2016

   استمرارا في أنشطتها  العلمية الهادفة ، نظمت كلية أصول الدين يومه الأربعاء 11 ماي 2016 محاضرة علمية في موضوع  " انسدادات ينبغي تجاوزها ، تغيرات يجب استيعابها ، وشروط يلزم توفيرها من أجل تجديد ناجع لخطابنا الديني المعاصر " من إلقاء فضيلة الأستاذ الدكتور  أحمد العبادي  الأمين العام للرابطة المحمدية  للعلماء .

وقد افتتحت المحاضرة بآيات من الذكر الحكيم  تلتها كلمة الأستاذ الدكتور محمد الفقير التمسماني  عميد كلية أصول الدين ، رحب فيها بالسيد الأمين العام للرابطة المحمدية وبكافة الحضور،  وأبدى شكره وامتنانه لفضيلته على حضوره ، كما نوه  بالتعاون الدائم بين كلية أصول الدين  والرابطة المحمدية للعلماء.

   وبعد ذلك أشار السيد العميد إلى السياق التاريخي والزمني لهذه المحاضرة والأسباب الكامنة وراء اختيار الموضوع  وأجملها في ما يلي :

أ,لا : المرحلة الدقيقة التي تعيشها الأمة والبشرية جمعاء بسبب ضياع الفكر، وتحكيم العشوائية ، وحاجتنا الماسة إلى التبصر والحكمة ، وإلى خطاب ديني وسطي ومعتدل .

ثانيا : التذكير والاحتفاء بالنموذج المغربي الديني المتميز  بأصالته وعمقه وانفتاحه ،  وضرورة الرجوع إليه لضمان الاستقرار والأمن ، والافتخار بتبني الدولة لقيم السماحة والوساطة .

ثالثا : التنبيه إلى أن البحث في الخطاب الديني  وتجديده ومعالجة مشكلاته  من مهام العلماء  والباحثين في العلوم الشرعية .

وفي ختام كلمته أكد السيد محمد الفقير التمسماني على تعهد كلية أصول الدين  بمواكبة   كل المشاريع الإصلاحية التي  يقودها جلالة الملك محمد السادس، وعلى عزمها مواصلة تحقيق وتشجيع كل ما من شأنه  أن يسهم في تطوير البحث العلمي .

وفي بداية كلمته أشاد السيد الأمين العام للرابطة المحمدية ، بجهود كلية أصول الدين و بعميدها في مجال البحث العلمي ، ثم  تحدث عن معمار الدين الإسلامي وعن معالمه الكبرى التي حددها في خمسة معالم:

  1. أولا :  الرؤية الكلية الكامنة في الإسلام وفي نصوصه :  وهذه الرؤية بمثابة الخريطة التي يهتدي بها الإنسان في اضطراباته  وفي إقباله وإدباره ، و غيابها  غياب للاستقامة  على صراط  الله المستقيم ، الذي تحدث عنه سبحانه وتعالى في قوله : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي  سويا على صراط مستقيم )( الملك الآية 22) ،وأكد الدكتور  العبادي على ضرورة استحضار عظمة الإنسان وإسجاد الله الملائكة له ، وعظم الأمانة التي حملها الله إياه.

      وفي ختام حديثه عن هذه الرؤية  أشار فضيلته إلى أنه بهذه الرؤية يمكن أن نعطي حلولا  ناجعة لما تعيشه الأمة ، لكن بعد معرفة ذواتنا  وبناء القدرات وامتلاكها .

  1. ثانيا : القيم : وقد أجملها  المحاضر  في ثلاث  قيم  كبرى :

 القيمة الأولى : التوحيد :  فكل شيء في الكون يدل على قيمة  التوحيد  التي اخترقت كيان الإنسان المسلم حتى أصبحت  تنداح في كل ما يتعلق به في حركاته وسكناته ، ومن تجلياتها  أيضا أنه لا يبقى معها تفرق وتشتت ، بل إن الكل ينجمع في هذه القيمة الحاكمة حتى يصبح  وحدة متكاملة .

وفي ثنايا حديثه عن قيمة التوحيد أشار السيد العبادي إلى خطورة القيم التي تقدم لأطفالنا عبر الرسوم المتحركة وأشرطة الألعاب، دون أن يكون لنا رصد ومراقبة لما يستهلكونه ، ودعا الطلبة والباحثين إلى ضرورة استبانة المشاكل التي تعاني منها الأمة على هذا المستوى ، وتحديد أخطرها ، ثم التطوع لحلها ، لتتشكل عندنا حوصلات معرفية نتجاوز بها تلك المشاكل ونسعف بها عالم اليوم .

القيمة الثانية :العمران

القيمة الثالثة : التزكية .

وأكد المحاضر على أن هذه القيم متى استبنا كينونتها ستكون قاطرة للإصلاح وتجاوز المشاكل المتعددة التي تعيشها البشرية .

  1. ثالثا : التشريعات :  هذه التشريعات تضم في ثناياها كليات شرعية من مثل : " المشقة تجلب التيسير " و" الضرر يزال " و قواعد رفع الحرج وغيرها من القواعد التي تروم تحقيق  السعادة في العاجل والآجل؛المقصد الكلي للتشريع .

 وإلى جانب  هذه الكليات ، يجب مراعاة مناط التنزيل وهو هذا السياق والواقع ؛ فلابد من التكوين و اكتساب كفايات في العلوم الشرعية  تمكن من استيعاب هذا الواقع  ، والدفع بالقادرين والقادرات لتحصيل أبواب علمية لا تنهض الأمة إلا بها . ودعا فضيلته إلى توحيد النقلة في التدبير والحكامة والوعي بتتابع الأجيال ، وتجاوز الصيغ التدبيرية التقليدية .

 

  1.   رابعا : السلوك :  ويشمل الجانب الاجتماعي والنفسي ، فكتاب الله تعالى زاخر بالمعالم التي تمكن من الوقوف على أبعاد السلوك السوية مع التطبيق النبوي في جوانبه الجزئية والدقيقة .

 

  1. خامسا : الحياة الباطنية :  وتشمل  النفس التي تحدث عنها سبحانه وتعالى في قوله ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )(الشمس الآيتين7و8) ،والتي أمرنا بتزكيتها من التأثيرات الداخلية والخارجية

 

 

      وختم الدكتور أحمد العبادي كلمته بالحديث عن الأشياء التي  يمكن أن ترفع الخلف الذي تعيشه الأمة وحددها في نقاط ثلاث:

 

  • النقطة الأولى : تجسيد مفهوم القبلة  الوارد في القرآن الكريم  ، الذي أساسه ورافده المحبة والتوجه إلى مقصد واحد وموحد هو وجه الله تعالى ، مع استذكار قيمة التوحيد البانية والحاكمة ، وأن هذه الأمة  أمة  رحمة  ومحبة  لا أمة  خوف وعنف كما يصورها الأعداء.

 

  • النقطة الثانية : طبيعة الإنسان : أي أن هذا الإنسان مطالب ببذل الوسع -كل الوسع -حتى يكون من المحسنين الذين أحسنوا عملا ، في توكل  دائم على الله  ، وحرص كامل على الوصول إلى أرقى ما يمكن الوصول إليه
  •  
  • النقط الثالثة : الإمامة : وهي المؤسسة الرائدة التي تقيم هذه القبلة وتحفظ للأمة بيضتها ، وهي التي حفظ الله بها بلد المغرب ، لذلك  ينبغي توسيعها لـترفع حالة الخوف السائدة .

وفي الأخير تم تتويج هذا النشاط العلمي بكلمة ختامية للسيد عميد كلية أصول الدين الأستاذ الدكتور محمد الفقير التمسماني، نوه من خلالها بهذه المحاضرة العلمية المميزة ، وبتفاعل الحضور معها ، واعتبرها محاضرة تاريخية ناجحة . ثم قام سيادته بتقديم درع رمزي لفضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية الدكتور أحمد العبادي كعربون شكر ومحبة وامتنان .